إنّ التطورات التی أحدثت فی المنطقة فی السنوات الأخیرة تدلّ على الوعی الإسلامی للشعوب إلّا أنّ هناک من لایخضع لدور التعالیم الإسلامیة فی هذا الوعی ویرى للثورات فی المنطقة أسبابا أخرى غیر إسلامیة.
وممّا لاشکّ فیه أنّ الصحوة الإسلامیة فی المنطقة بدأت باحتلال فلسطین، واستمرت بعدها بالصراعات الفکریة ثمّ المیدانیة بین النزعات المختلفة التی تمیل بعضها إلى الغرب وأخرى إلى التراث الدینی الوطنی دون ثقة بالغرب.
وهذه الصحوة واضحة فی الأدب العربی کما هی واضحة فی الأدب البحرینی الذی نحن ندرسه فی هذا المقال حیث نواجه الألفاظ التی توحی بتعالیم الدین الإسلامی مثل "النبی، والقرآن، والربّ، والمعراج، والشهید". ثمّ لانجد تقریبا شاعرا لم یتناول الاحتلال الصهیونی لفلسطین. إضافة إلى أنّ استخدام "شاورن" رمزا للقتل و الدمار، ورفض سیطرة الشرکات الغربیة لاسیما الأمریکیة للبلاد، ومجابهة الاستبداد ورفض ذلّة الحکام أمام القوى المستکبرة العالمیة کلّها تدلّ على البواعث الإسلامیة لثورات المنطقة.
The Role of Islamic Education in Bahrain's Contemporary Poetry
المؤلفون [English]
Hassan Shavandi
Department of Arabic Literature, College of Literature and Foreign Languages, Karaj Branch, Islamic Azad University, Alborz, Iran
المستخلص [English]
Changes which occurred during the recent years reveal the area's sense of Islamic awakening. Of course some do not accept the influence of Islamic learning in this awakening and recount other reasons. Undoubtedly Islamic awakening began with occupation of Palestine in the region and continued with different ideologies some of which were west oriented and some national religious oriented ones. This sense of awakening is clearly reflected in Arabic literature as well as Bahrain's literature which is the subject of this paper. Special terminology indicates the effect of Islamic learning on the poet. For example, in Bahrain's literature one can observe terms such as Allah (God), Alnabi (prophet),Alkoran ( Holy Koran), Alrab (God), Almeraj(salvation), Alshahid(martyr)w which is a proof to this influence.
الكلمات الرئيسية [English]
Bahrain, poetry, Islamic Awakening, Palestine
النص الكامل
تکشف البحوث الدقیقة أنّ المحاولات لاحتلال فلسطین کانت أقدم مما سجّله التواریخ الرسمیّة فی الکتب حیث یمکن مشاهدة المبادرات الأولى فی شراء الأراضی الفلسطینیة واشترائها منذ أکثر من نصف قرن قبل سنة 1917م. (باقری وفرزاد، 1376ش: مقدمه) فإنّ اهتمام الیهود بالحصول على موافقة السلطان العثمانی عبدالحمید على اشتراء الأراضی الفلسطینیة کلها تدلّ على عزم سابق للصهاینة على تأسیس دولة جدیدة فی الأراضی المحتلة.
فلذلک یمکن القول بأنّ الصحوة فی العالم العربی تزامنت مع محاولة الغرب للسیطرة على العالم الإسلامی. فیشیر نجیب العازوری سنة 1905م إلى ظاهرتین مهمّتین فی هذا العصر وهما صحوة الشعوب العربیة من جهة ومساعی الیهود التی تهدف إلى تکوین جدید للحکومة الإسرائیلیة القدیمة من جهة أخرى، ویعتقد بأنّ المسلمین العرب والیهود بدؤوا بالتحارب معا حتى الانتصار النهائیّ، ومصیر العالم کله تتعلّق بنتیجة هذه التخاصم والتحارب. (نفس المصدر: 13-14)
والذی لایجدر الإهمال عنه هو أنّ الدول المستعمرة وجدوا التفرقة بین المسلمین أفضل خطّة لتهزیمهم. فنجدهم قاموا فی العصر العثمانی بنشر النعرات القومیة بین الأتراک من جهة والعرب من جهة أخرى. فالشباب الأتراک کوّنوا حرکة قومیة یواجهون بها العرب، والعرب شکّلوا جمعیات عربیة تقابل الجمعیات القومیة للأتراک.
إضافة إلى هذه الجمعیات التی استخدمها المستعمرون لإثارة النزعات القومیة فی الدولة العثمانیة نجدهم یتّهمون الدولة العثمانیة بانتهاک حقوق الإنسان، ویحاولون أن یجعلوا الناس فی الدولة العثمانیة تابعین لهم أو عاجزین عن القیام بمتقن الأعمال، وأن یوجدوا المشاکل الاقتصادیة. فهذه الأسالیب کانت ناجحة فی إیصالهم إلى أهدافهم بشکل غیر مباشر وفی تحطیم صمود الشعوب أو تفشیلهم.
ثمّ إنّ الثقة بالغرب مهّدت طریق الدول المستعمرة فی الوصول إلى أهدافهم فقام عدد منهم یدعمون الغرب یظنّون به ظنّ الخیر ویقفون فی وجه معارضیه. فعلى سبیل المثال نرى علی الرمادی بعد سنة من تجزئة فلسطین من الدولة العثمانیة یعدّ بریطانیا من حماة المظلومین ویغلو أحیانا أکثر من ذلک ویعدّها من ناصری الإسلام ومحبّیه. کما نجد "إبراهیم بز الحداد" یرى بریطانیا هی الّتی حرّرت فلسطین وخلّصتها من الدّولة العثمانیة. فلذلک یدعو لها بالسعادة الأبدیة. (نفس المصدر: 35)
ثمّ غلبة البواعث الشخصیة أو العائلیة فی تکوین الأحزاب والجمعیات انتهت إلى عدم ثقة الشعوب العربیة بها ممّا أدّى إلى مخالفتهم لها. فلذلک نرى الشعراء المعاصرین العرب مع فخرهم بمجدهم الماضی ینقدون المواقف السیاسیة للدول العربیة حول القضایا العربیة لاسیما القضیة الفلسطینیة التی عقّبها احتلال الأراضی القلسطینیة.
کما نجدهم یتهمون الحکام العرب بأنّهم أداة بأیدی الدول الغربیة یقودون المجتمع نحو الیأس ویهیّئونهم لقبول الذّلّ والهوان. فنراهم یخاطبون القادة العرب قائلین بأنّهم خضعوا للتهدید الغربی الصهیونی لفلسطین مع أنّهم أثریاء ولکنّهم کاذبین عاجزین.
وکلّ هذه الأسباب أدّت إلى ضعف الدول العربیة وتوهین الشعوب إلّا أنّ الدول العربیة لم تنتبه وذهب کل دولة إلى هواها. فتفرّق شملهم وتشتّت آمالهم حتى وقعت الحرب سنة 1948م وانهزم العرب، فصاح المفکرون والصحف العربیة منادین إلى الوحدة بینهم متهمین الحکّام بأنّهم العامل الأول والأخیر فی انهزام العرب. (نفس المصدر: 105)
وبهذا الانهزام انتبه المفکرون والشعراء العرب واتّسعت رؤیتهم. فقاموا یبحثون عن عوامل الانهزام السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة ودرسوا الأسالیب المختلفة للحکومة الّتی کان یدعو بها البعض وعدّوها أسالیب شیطانیة أخذ بها الطبقة السائدة لتکبت الحریات الفردیة والعدالة الاجتماعیة والتروّج الإباحیة لتکثّر ثرواتها وتدّخرها. (نفس المصدر: 154)
وکلّ هذه الأحداث بعثت حرکة فی الأفکار الجامدة ومهّدت الطریق للصحوة عند الشعوب العرب ممّا أدّى إلى ظهور ألفاظ تؤیّد الصمود والمقاومة مثل "الفدائی، المتسلّل، والعائد". فأصبحت لفظة "الفدائی" رمزا لحیویة الشعوب العربیة، لأنّ العرب منذ السنوات البعیدة لم یکتسب إلّا الانسحاب عن مواقفهم والانهزام والذّلّ والهوان. (نفس المصدر: 167)
الصحوة البحرینیة
الواضح أنّ الجهل هو العامل المهم فی انحطاط الشعوب. فاهتمام الناس بالمصالح العاجلة منعتهم عن اتّباع مفکریهم ومصلحی مجتمعهم، لأنّهم جهلوا أسباب سعادتهم الآجلة، فوقعوا فی فخاخ القوى المستبدة أو المستکبرة المعتدیة، فعاشوا فی ظلّ العبودیة لهم سنوات کثیرة. فإذا ساد الذلّ والخضوع مجتمعا بشریا ینعزل فیه أصحاب الرأی والفکر، فتحلّ السطحیة محلّ التعمقیة، ویسود المجتمع الفقر والإباحیة من جانب، والکسالة والإهمال من جهة أخرى. فتتلاشى الثقافة العامة وتعقم الأفکار فلا تولّد. فتفقَد القیم الإلهیة أو تتبدّل إلى أخرى، وتحلّ الشهوة والمجون والإباحىة محلّ العصمة والعفة والغیرة، فتتأثّر العلاقات الاجتماعیة بالظروف السیّئة السائدة وتنفک وتنفصل کلها. فیشیر إبراهیم العریص إلى جهل الناس وتأثیره فى المجتمع قائلا:
حتّام أرعى أمة
فی الجهل لذلّها البقاء
خلع العذار شبابها
والشیخ فارقه الحیاء
وعقول معظم أهلها
کقلوب نسوتها هواء
وعلیمهم و جهولهم
فی الخطة المثلى سواء
وحدیثهم إن حدثوا
کذب ومین وافتراء
(العریص، 1932م: 97)
کما ترى الشاعر یتکلم عن الانحطاط الثقافی فی المجتمع بعد ما یعمّ الجهل فیه، فیشکو من هیمنة الذلّ وسیطرتها على الناس، ویصعب علیه تحمّل هذه الظروف. فیرى الحلّ فی إنذار الشعب وتنبیههم على الظروف، وتحریضهم على أن یثوروا ویغیّروا الحالة المؤسفة التی یعیش فیه المجتمع، ویعتقد أنّ الناس ماداموا یبحثون عن أحلامهم البعیدة لا عن الحقیقة والواقع، وماداموا یستهدفون أهواءهم فی حیاتهم لن یحصلوا على شیء، ولن یعیشوا إلّا فی الظلام. فهم سیبقون بعیدا عن الحقیقة کما یقول الشاعر:
إنّما آمالنا تلهو بنا
مثلما یلهو بنا لمع السراب
لن یرى الإنسان وجه النور أو ظلّ الحقیقة
(رفیع، 1971م: 31)
وکذلک ینقد علی الخلیفة مجتمعه قائلا:
یا فارسی الذی أراک آتیا
تلوح فی المنام
تعال إنّنا مزیّفون
تعبث فی عروقنا أجنحة التعب
وساقطون بعد لحظة
أو هکذا: معلقون بالریاء والکذب
(خلیفة، 1973م:41)
فنلاحظ أنّ الشاعر یشکو من الهمة الساقطة لشعبه وکذبهم وریبهم وریائهم، فکأنّه یئس منهم لایجد لهم من ینجیهم، فیخلق فی حلمه فارسا یدعوه لیخلّصهم قبل أن یُصدّ سبیل الخلاص ویغلب علیهم العجز والفشل.
ویعتقد شاعر آخر أنّ الثقة فیما بین الناس تشکل أساس المجتمع البشری، فأن ساد عدم الثقة علیه یتلاشى المجتمع. فلذلک نراه یشکو من انحطاط القیم فی المجتمع ویئنّ من قطع حبال المودّة بین الأصدقاء بسهولة حیث یدَع بعضهم الآخر فی المصاعب والبلایا، فیقول:
یخذلنا جمیع أصدقائنا
تسحقنا حقیقة مریرة
جمیع أصدقائنا الأحباب
یرمون فی وجوهنا أقنعة التراب
(حداد، 1970م: 48)
فالشاعر کما تلاحظ ینذر الناس من الوقوع فی المهلکة ونسیانهم القیم الإنسانیة ویحذّرهم من الخطر الذی یهدّد أرکان المجتمع الإنسانی. کما نجد "المعاودة" یخاطب شعبه یرید إنهاضهم قائلا:
أبنی أوال وإنّها لخریدة
و ودیعة الآباء فی الأنباء
وما للغریب بها یعیش منعّما
أسفا و نحن بزمرة الفقراء
أبنی الجزیر شیبها و شبابها
لیس الحیاة تطیب للجبناء
هیّا اقشعرّوا حجب الضلام وشمّروا
واسعوا لحقکم بلا استجداء
(المعاودة، لاتا: 56)
فالأبیات تعریض للحکام الذین باعوا الوطن للأجانب الذین یعیشون فیه عیشة منعّمة، وجعلوا عیشه لأهلها ضیقة منغصّة، فهم یعیشون فی فقر ولا یذوقون إلا مرّ الحیاة وصعوباتها. فالشاعر یشجّع شعبه لأن یترکوا الجبن وأن یثوروا على الحکام المستبدین من جهة والأجانب من جهة أخرى، لأنّ الحیاة لیست إلّا للأبسال والشجعان الذین یسعون نحو النور والسعادة ولا یرضون بالذّلّ والعیش فی الضلام.
ویمکن أن نرى مثل هذه المحاولات للشعراء البحرینیین الآخرین لتحریض الشعب وإنهاضهم ضدّ الحکام والدول المتعدّیة المستکبرة العالمیة. فنجد علی الخلیفة یشجّع الشعب یقول:
کل الفوارس التی ترى
سیوفها من خشب
(الخلیفة، 1973م: 41)
فحکام العرب الذین یدّعون أنّهم یدافعون عن الشعوب العربیة وحقوقهم، شحّنوا بلادهم بالأدوات الحربیة، ولکنهم لم یستخدموها أبدا ضد أعداء الشعوب العربیة أو الدفاع عنهم. فالشاعر کما تشاهد یسخر من الحکام ویعّدهم فوارس سیوفهم من الخشب، لأنّهم لایهدّدون الأعداء بأسلحتهم. أمّا مخالفة الشاعر ومعارضته فلا تقتصر للحکام فقط بل تتجاوز منهم إلى الخطباء الحکومیین الذین نسوا واجبهم فی توعیة الشعب، فأصبحوا آلة خداع بید الحکام، فیقول:
والکلمات، سیدی، هیاکل اللعب
کل المنابر التی ترى
خطیبها یؤمّ بالدجل
ویسکن الخواء نفسه
(خلیفة، 1973م: 41)
ویمکن لنا أن نرى الشکوى من الحکام والشعوب فیما یلی أیضا:
أنا یا رفاق الحروف
جبان کأرنبة لا أطیق حیاة السجون
ویرعبنی المخبرون
وأکره لقیا المنون
وأهوى الخلاص
أمقت صوت الرصاص
أنا أعشق الشعب لکننی
أخاف من السادة الحاکمین
( القصیبی، 1971م: جریدة الأضواء)
فالشاعر کما تلاحظ یذمّ الجبن ویعتقد أنّ حبّ الشعب لایخلو من المشاکل والمصاعب، ومن یدّعی حب الوطن وشعبه علیه أن یتذوّق برغبة تامة مرارة العیش فی القیود والسجون ویترک الخوف من رجال الأمن إلى جانب، ویرضى بالموت ولایخوّفه رعود الرصاصات. فیدعوا بذلک الشاعر شعبه إلى الشجاعة والیقظة والنهضة، وینقد رجال الحکم الّذین هم مصدر الخوف للشعب وتهدیدهم بدلا من أن کانوا أمنا لهم وسکنا.
ومن أسباب مواجهة الشعراء للحکام هی مکافحتهم لکبت الحریات فی بلادهم وسیادة الاستبداد والظروف السیئة لمجتمعهم. فیرى قاسم حداد نقد الحکم والظروف الاجتماعیة هدیة لإصلاح حالة الشعب السیاسیة والاجتماعیة ویتوقع الشکر والتقدیر لدعاة الحریة من الشعراء إلّا أنّهم لایواجهون التقدیر بل یوهَنون ویعذّبون بالسجن ویقتَلون. فیقول الشاعر:
یولد الشاعر ولایعطونه الفرح
لکن یعّدون له السجن والنعش والمقصلة
(حداد، 1976م: 78)
فهذه الرؤیة واضحة أیضا عند علی الشرقاوی حیث یخالف سیاسة الحکام حتّى یواجه تهدید الحکم. هو یقول:
حین تعّلمت "لا" تعوّدت أکل السجون
(الشرقاوی، 1975م: 35)
والشعراء کان أمرهم یصیر إلى التهدید والسجن، وکانت الظروف لاتوافق الشعراء وحیاتهم، وکان یضیق بهم العیش بحیث نجد الشاعر البحرینی "المعاودة" یصف حالة عیشه فی السجن ویشبّه هواء السجن بریاح جهنّم، ووحشة الغربة والانفراد فیه بالقبر، فیعدّد اللحظات وینتظر لقاء الموت راجیا بعد موته حیاة طیبة یبحث عنها فی حیاته الدنیویة، فیقول:
کانّ هواء السجن ریح جهنّم
و وحشته کالقبر ضقت بها أمرا
تمرّ بی الساعات أراقبها فإن
مضت قلت علّ الخیر ألقاه فی الأخرى
(معاودة، 1942م: 37)
ومع ذلک کله لا ینسى شعراء الحریة أهدافهم، ویرون الخضوع أمام مشاکل المجتمع ومصاعبه جمودا وذلّا وموتا حقیقیا. ویواجهون برغبة کاملة التعذیب ووحشة الغربة فی السجون حتّى الموت دون الانسحاب من أهدافهم المنشودة، فیقول الشاعر:
أرفض أن أکون حجرا
أو قبضة تمسک بنیانکم المنهار
أرفض أن أبیع أو أباع
حتّى ولو حوصرت
وأغلقت فی وجهی الدروب
حتّى ولو منعت من تنفس الهواء
وأوقفتنی الشارة الحمراء
(یوسف حسن: صدى الأسبوع، 31\12\1937)
والابتعاد عن القیم الإلهیة والإنسانیة هو سبب آخر للمشاکل الاجتماعیة التی هی صدى لفقدان القیم السامیة واتجاه الإنسان نحو المعتقدات المادّیة ونزعاتها کالرسمالیة التی لاتقیم إلّا باکتساب الثروات واستهلاک المنتجات الجدیدة وهی بذلک استعباد حدیث لاشعوری للإنسان الیومی لمصالح أولی الثروات. فیصف الشاعر البحرینی التجار الرأسمالیین وحالة الفقراء قائلا:
تحتکر الثمار
یتّخم التجار
ونحن فی عالمنا .. نحلم بالحصاد
(حداد، 1970م: 184)
ثمّ إنّ شیوع الکلام بلا عمل من جانب الحکام والخطباء وبعض من الشعراء یخرق المصداقیة الشعبیة، لأنّهم یقولون ما لایصدّقونه بأنفسهم. فیغرقون فی المادیة والدنیویة ویلهون بالملاهی فی حین یدعون الشعب إلى الخیر والإحسان. فیشیر الشاعر إلى ذلک قائلا:
آه کم تاهت معانیها وزیّفنا العبارة
ورفعنا فوق هامات الحروف
خطباء جوفاء ..
صفقنا طویلا لشعارات التجارة
وتساقطنا عرایا
لا صلاة الفجر تجدینا ولاغسل الطهارة.
(حمدة خمیس، الفجر واللیل الزایف، مجلة هنا البحرین ینایر 1970)
ومن الشعراء البحرینیین الآخرین الّذین قاموا بتحریض شعبهم ضد الظلم هو یوسف حسن الذی یرى الصمت مقابل الظلم للناس تحقیرا للوطن وشعبه. کما یرى تلویث عرض الوطن وتاریخه محاولة لاحتلاله. فیقول:
مزّقوا أوطانکم
بصّقوا فی وجهکم
لوّثوا تاریخکم
غیّروا وجه الخرائط
نصبوا بوّابة کبرى على وجه الخلیج
علّقوا یافطة حمراء فی کلّ الموانئ
(یوسف حسن: صدى السبوع، 18\1\1972)
سیئت الظروف فی المجتمع البحرینی للتدخّل الأجنبی فی شؤونها. فذلّ أهلها وفقد عزّه وتحسّن حیاة الأجنبی فی البحرین بعد أن ساءت حیاة أبنائه. فکان الشعب یعمل ویکلّف نفسه المتاعب والمشاقّ لصالح الأجنبی. فلم یکن نصیبه إلّا الفقر والخضوع بینما کانت العزّة والفقر غریم الأجنبی:
فقراء فی أوطاننا وغریمنا
یجبى إلیه بکدّنا الأموال
غرباء فی أوطاننا وغریبها
وقف علیـه العزّ والإقبال
(الخاطر، 1975م: 143)
فالشاعر یشکو من الصمت المطبق على المجتمع البحرینی، ویعانی من تذوّق الشعب الموت لحظة بعد لحظة دون أن یصرخ فی وجه الظلم. فینادی شعبه متعجبا:
لمَ لانرفع صوتا؟
بینما فی کلّ ساعات الزمان
یشبع الإنسان موتاً
(رفیع، 1970م: 35)
فلا یرى الشاعر طریقا للتخلّص من هذا الذل والخضوع إلّا بالتضحیة وبذل النفس. فیشبّه الحریة بحسناء یرکع الناس لعیونها الساحرة حینا ویسجد لها حینا آخر ولایحظى بوصالها إلّا المجاهدین والمضحّین الذین ضرّجوا بدمائهم، فلا وصال الحسناء للجبناء الضعفاء. فیقول:
یا سادة لمخضبیها بالدماء
وصل وللمستضعفین صدود
الناس خوف لحاظ عینیک رکّع
طورا وطورا للعیون سجّد
ما کان سمّاک الورى حرّیة
إلّا وحرّ العبد عنک شدید
(الخاطر،1972م: 55)
فکأنّ الشاعر ییأس من شعبه لرکونه للظلم وعدم استماعه لنصائح الشاعر ومواعظه، فیستکین لخمولهم ویقول :
وأوقفت أشعاری على نصح أمّتی
ولم أتبدّل فی مقال ولاقصد
فکان جزائی أن أکون کما أرى
أحاول غرس الزهور فی الحجر الصلد
(المعاودة، لاتا: 94)
فلذلک نرى الشاعر کأنّه یندم من إنشاد الشعر لشعبه ویرى محاولته لإیقاظهم کمحاولة من یحاول غرس الزهر فی الحجر، فیلومه أصدقاؤه مما یؤدّی إلى شعوره بالیأس. فیصرخ بأنّه لن ینشد شعرا من أجل أمّة لیست لها آذانا تستمع بها النصائح ولا عیونا تبصر بها الحقیقة، فیقول:
لن أقول القوافی وهی ضائعة
ما بین قوم بلا سمع ولا بصر
(الخلیفة، 1966م: 73)
کما یلاحظ أنّ الشاعر یرى شعره تضیّع فی قومه وقد یسوده الحزن والکآبة والیأس. فیملّه البقاء فی وطنه الّذی منعه عن الآمال. فیقول:
إنّی مللت قعودی فی ثرى وطنی
ففیه مانلت غایاتی ولا وطری
(الخلیفة، 1966م: 37)
فالضغوط النفسیة وفقدان الحریة وسیادة الاستبداد إلى جابب الصمت القاتل للشعب وجهلهم لمصالحهم جعلت دعاة الحریة والشعراء والوطنیین فی حرج أرغمهم على ترک آمالهم فی وطنهم مع حنینهم إلیها. فهذا هو الشیخ الوائلی یعلّل سبب ترک وطنه قائلا:
وطنی العزیز لقد هجرتک مکرها
وهجرت فیک مطارحی ووسادی
لا عن قلبی ولا عن رغبة
فی غیر أجیالی وغیر وهادی
لکن نفسا حرّة نشأت على
سنن العلى حجبت علیّ رقادی
(الوائلی، 1975م: 250)
کما تلاحظ أنّ الشاعر یخاطب وطنه محبّا له معزّزا شأنه، فیهجره بکراهة لا عن رغبة، ویترکه دون أن یضغن للوطن أو یرجّح حبّ شعب على شعبه، بل یترکه مرغما لسیادة الاستبداد علیها وکبت الحریات فیها مما أدّى إلى ضیق الجو الاجتماعی والسیاسی للأحرار الذین عاشوا دائما شرفاء أعزّاء. ثمّ یتحدّث الشاعر عن مجد وطنه القدیم ویتذکّر تراث المجد والعزّة الّذی نال بهما الأسلاف بتحمّل المشاکل والتضحیة وعدم الخضوع إزاء الظلم، وکذلک بعزم حازم، فینشد قائلا:
وطنی ورثناه عن الأجداد
وتراث عزّ ثابت الأوتاد
ملّکوه بالسمر العوالی عنوة
واستخلصوه بهمّة وعناد
(الوائلی،1975م: 247)
وفی کلام الشاعر فیما سبق کما یلاحظ تعریض لخضوع الحکام والشعوب أمام الظلم وکبت الحریات، فیذکّر الشاعر الحکام بتاریخ وطنهم الماجد ویقول إنّ الحکم لا یتمّ إلّا بهمّة عالیة وعزم حازم للصمود أمام الأعداء. فیطعن الشاعر بذلک الحکام بأنّ ضعفهم أمام الأعداء یهدّد المجد القدیم والعزّ السالف الّذی أورثه حکام العرب القدماء، ویدعوهم أن یذودوا حمى وطنهم وعزّة شعبهم.
ونجد مثل هذا المضمون لشاعر آخر بحرینی یتألّم من الحالة المؤسفة الّتی تسود وطنه وتثقل صدره وتجرح قلبه، وهی حالة الخضوع والذلّ للشعب والحکام أمام المستبدین من جهة والمستکبرین من جهة أخرى. فیقول:
صدری ثقیل بالهموم وإنّما
تأتی الهموم لصاحب الوجدان
أجد الحیاة إذا افتکرت کئیبة
فکأنّنی فیها بدار هوان
(عبد الرحمن الرفیع، جریدة الأضواء: 9\11\1971)
ففی البیتین السابقین یجد الشاعر الناس فی غفلة عمّا تصیبهم من المصاعب والبلایا، إلّا أنّ فیهم عددا قلیلا ذوی الوجدان یدرکون ما یحدث فی مجتمعهم درکا عمیقا ویحلّلونه تحلیلا صحیحا لیس لهم سوى الحزن والألم والمعاناة. فتیأسهم الحالة هذه وتضجرهم الحیاة لأنّهم لایجدون سبیلا للتخلّص من الذّلّ والهوان. فالبیتان لا تحملان سوى الیأس والحزن والألم والشعور بالغربة من جهة وسیادة الهوان على المجتمع من جهة أخرى. فکأنّ البیتین صراخ على الغفلة ومؤاساة مع الأحرار الغرباء فی أوطانهم. ونسمع الشاعر یصرخ فی کلماته الأخرى قائلا:
یا أیها الإنسان أین أنت؟
بالله أین أنت؟
سألت عنک کلّ من رأیت،
فقیل لی: مضى ...
و ودّع المکان
فلن ترى الإنسان ها هنا
ولو بحثت عنه
لآخر الزمان
فالناس فی مدینة الهوان
تنام فی أمان
وتطلب النعیم فی الجنان
(رفیع: 1970م: 18)
فالشعور بالغربة عند الشاعر واضح فی الأبیات السابقة، فکأنّه یبحث عن إنسان للهروب إلیه من الغربة، ولکنّه یظلّ مستکینا، لأنّه یسأل عنه کلّ من یرى إلّا أنّه یفاجئ بإجابة خیّبت الآمال وهی: أنّه ترک المکان وأنت لن تلتقی به هنا. فیُشعر الشاعر بذلک أنّ غفلة الناس ونیامهم متواصلة لاتنتهی، فإنّهم خضعوا للذّل والهوان راضین. کما أنّ الأبیات توحی بأن خضوع الناس للهوان یؤدّی إلى فقدانهم قیمتهم الإنسانیة وشرفهم، فلا یعدّ الشاعر الفاقد لها إنسانا حقیقیا. فلذلک یجد نفسه منفردا وهو یعیش معهم، ویبحث عمّن یؤاسیه ویآنس إلیه فی وحشته ویلوم شعبا خاضعا للذّلّ یتنامى لیأمن، ویسخر منهم، لأنّهم یطلبون فی الهوان الجنة والنعیم.
ومن مظاهر النهضة البحرینیة الإسلامیة هی استخدام لفظ الشهید فی أشعار شعرائها. فانظر الأبیات التالیة تجد العواطف الدینیة:
یا نجما هزّه الشوق إلینا
ورسمناه شهیدا
وحفرناه شهیدا
فوق کل الواجهات
فوق هامات الرجال السمر
(لعویناتی، 2003م: 139)
فالکلمة المحوریة التی یتناولها الشاعر فی الأبیات السابقة هی کلمة الشهید الذی ضحّى بنفسه فی سبیل الحریة، فأصبح فی حیاته کنجم ساطع یرشد الناس ویهدیهم إلى الرشاد، وینفخ فیهم روح الأمل إلى المستقبل. فلذلک نرى الشاعر یرسم له مکانة تفوق نجوم السماء ویبالغ فی رسمه لها حیث یقول بأنّ الشهید أرفع مکانا منه فیشبه النجوم بالشهید مکانة. فالشاعر یعظّمهم قائلا بأنّا حفرناهم فوق هامات الرجال.
وهناک شاعر آخر یتحدّث عن الشهید عبدالله حسین یشیر إلى أسباب استشهاده قائلا:
کبرت بنت البساتین .. تنامت
فی ریاح المستحیل
کانت السقیا.. دماء
کنت عبدالله تاریخا من الذلّ
وللفقراء وعاء
رافض أنت مرفوض عنید
عبر تاریخ الولاء
إنّنی الیوم تذکّرت أباک
حین لم یقو على کسر الحدید
یوم جرّوه صبح الأربعاء
وعلى الأرض أمام الجمیع فی سوق الکبیر
(خلیفة، لاتا: 19)
کما تلاحظ فی الأبیات السابقة یثور الشهید علی عبدالله على الهوان الذی سیطر على شخصیة الإنسان البحرینی وجعلها محط الفقر والحرمان. فلایستسلم الشهید للذّل والهوان، ولذلک یغضب علیه الحکم السائد الذلیل وذلّة السائدة ویقتله شهیدا ویجرّ أبا الشهید على شوارع المدینة إهانة له وتحقیرا لرموز مقاومة الشعب لتداس عزّته بعدما عاش طویلا فی السجون بین السلاسل أبیّا.
والشاعر البحرینی لاینسى مصیر وطنه، فیصرخ فی وجه من یتّفق مع الأجانب ویبیعه لهم. فیعاتب الحکام قائلا:
بقیت بلا وطن داخل وطنی ..
صرت.. منفیا أبحث عن وطنی
داخل وطنی
لاحظته منطویا فی ورقة .. یبکی ..
داخلها ..
قرأت للسلطان .. توقیعه ..
والرخصة التی باع بها الوطن
(العویناتی، 2003م: 114)
فالشاعر یشعر بالغربة مع أنّه یعیش فی وطنه، لأنّ الوطن قد بیع للأجانب بتوقیع السلطان، فأصبح بتواجد الأجنبی فیه منفى للشعر. کما أنّ الشاعر یشکو من سیطرة الشرکات الأجنبیة على الوطن یقول:
نحن الشرکات الأمریکیة
نحن أعداء البشریة
نقتل کلّ رفاق الحریة
ها أنا شرکات نقتل من تقدر أن تقتل
من زمن القرن العشرین
حتّى فی زمن القرن الحادی والعشرین
(المصدر نفسه: 124)
فالشاعر یعدّ الشرکات الأجنبیة أعداء البشریة الذین یقتلون الیوم دعاة الحریة کما کانوا یقتلونهم فی القرن العشرین. فیشیر الشاعر فیما سبق إلى السلطة الاقتصادیة للدول المستکبرة مما یبدو عن صحوة الشعراء البحرینیین الإسلامیین. وهذه الصحوة التی تتجذر فی المعتقدات الدینیة والتعالیم الإسلامیة واضحة فی أشعار الشعراء الآخرین. فانظر فی استخدام ألفاظ " الله، والشهداء، والأنبیاء، والأولیاء، وربّی، والإسراء" فیما یلی:
یشهد الله أنّکم شهداء
یشهد الأنبیاء .. والأولیاء
متّم کی تعزّ کلمة ربّی
فی ربوع أعزّها الإسراء
(القصیبی، 2002م: 7)
فالشاعر یشهد الله بأنّ الذین ضحّوا بأنفسهم هم الشهداء، کما أنّ الأنبیاء والأولیاء یشهدون على أنّهم استشهدوا لتعزّ کلمة الله فی أرض معراج النبیّ (ص). فمن یخضع للذلّ هو المیّت لا الشهداء، لأنّ الله تعالى یقول: ﴿ولاتحسبنّ الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتا بل أحیلء عند ربّهم یرزقون﴾ فیواصل الشاعر کلامه مستنهضا شعبه ضد الصهاینة قائلا:
انتحرتم؟ .. نحن الذین انتحرنا
بحیاة .. أمواتها الأحیاء
أیّها القوم نحن متنا .. فهیّا
نستمع ما یقول فینا الرثاء
قد عجزنا .. حتّى شکا العجز منّا
وبکینا .. حتّى ازدرانا البکاء
ورکعنا .. حتّى اشمأزّت الرکوع
ورجونا .. حتذى استغاث الرجاء
ولعقنا حذاء "شارون" حتّى
صاح "مهلا، قطّعتمونی" الجذاء
وارتمینا على طواغیت بیت
أبیض ملء قلبه الظلماء
أیّها القوم .. نحن متنا .. ولکن
أنفت أن تضمّنا الغبراء
(المصدر نفسه)
والشاعر کما رأیت یبذل جلّ اهتمامه لیستنهض شعبه ضدّ الظلم باستخدام الکلمات التی تحمل معنى دینیا من جانب وتسمیة حکام بیت الأبیض و شارون بأنّهم طواغیت من جانب آخر، ویهدف بذلک إثارة العواطف الدینیة والوطنیة لهم. وهذا إلى جانب أنّ المفهوم العام للأبیات السابقة مستفادة من القرآن الکریم الذی یرى الشهداء بأنّهم أحیاء.
ومن المفاهیم السامیة الإسلامیة التی یعتنی بها الشاعر فی إثارة الشعب ضد الظلم هی الجهاد الذی یسعى الغربیىون والأعداء الصهاینة وبعض المغفلین داخل البلاد فی السنوات الأخیرة إلى تحریف معناه عن موضعه وجعله مفهوما ضدّبشریة. فیعتقد أنّ الطریق الوحید لنجاة الوطن وشعبه هو إصدار فتوى الجهاد من جانب علماء الدین، ولذلک یشکو منهم ومن المفکّرین الإسلامیین لتأجیلهم لإصدار هذا الحکم الدینی ، فهم عاجزون صامتون عند ضرورة الشجاعة والإقدام والجهادز فیقول:
قل من ذبحوا الفتاوى رویدا
ربّ فتوى تضجّ منها السماء
حین یدعو الجهاد.. یصمت حبر
ویراع.. والکتب.. والفقهاء
حین یدعوا الجهاد .. لا استفتاء
الفتوى یوم الجهاد الدماء
(المصدر السابق: 10)
کما نجد فی أشعاره ألفاظا أخرى تدلّ على نزعة الشاعر الدینیة مثل أمّة القرآن أو صلاح الدین حیث یقول:
یا أمّ جرح الهوى یحلو .. إذا ذکرت
روحی مرارة شعب یرضع الأسلا
یفدی الصغار بنهر الدم .. مقدسنا
ما لی أقلّب طرفی .. لا أرى رجلا
أرى الجماهیر .. لکن لا أرى الدولا
أرى البطولة .. لکن لا أرى البطلا
لا تذکری لی صلاح الدین .. لو رجعت
أیامه .. لا ارتمى فی قبره خجلا
أین الکرامة .. هل ماتت بغصّتها؟
أین الإباء .. أمّل الجبن .. فارتحلا؟
عجبت من أمّة القرآن .. کیف غدت
ضجیعة الذلّ .. لا ترضى به بدلا
أسطورة السلم .. مازالنا نعاقرها
یا من یصدّق ذئبا صادق الحملا
حمامة السلم .. حلمی أن أقطعها
وأن یعود بصقر یقنص الوجلا
شارون نحن صنعناه بخشیتنا
کم خشیة صنعت من فأرة جملا
تعملق القزم لمّا قزّمت قمم
واستنسخت نملة فی ذعرنا جملا
هات الفؤاد الذی ثار الیقین به
واقذف بی النصر أو فاقذف بی الأجلا
(نفس المصدر: 15،16،17)
فالشاعر کما یلاحظ یعبّر عن الشهادة بـ "جرح الهوى" ممّا یکشف عن رؤیته إزائها حیث یراها حلوا بعد ما یذیقه الشعب من مرارة الحیاة، فأحلى ما عند الشاعر تفدیة النفس لإزالة المرارات عن الشعب.
کما یرى الشاعر جماهیر الشعب فی ساحة الکفاح والدول الإسلامیة غائبون عنها، وهذا ما یجلب الخجل؛ لأنّهم استخلفوا أبطالا کصلاح الدین الذی هو رمز للشجاعة والإقدام عند المسلمین، فإذا رجع صلاح الدین و رأى خضوع الدول الإسلامیة للأعداء واستذلالهم أمامهم لجأ إلى قبره لشدة حزنه. فیسمّی الشاعر بذلک الحکام العرب أذلّاء ویدعوهم إلى البسالة والإباء ویتمنّى لهم شجاعة صلاح الدین.
ثمّ نراه یسمّى الشعوب الإسلامیة بأمة القرآن ممّا یدلّ أیضا على أنّ الرؤیة السائدة على الشاعر هی الرؤیة الدینیة الإسلامیة. فهو کشاعر إسلامی یشکو من خضوع الشعب أمام الظلم واستسلامهم له ویعبّر عن استنکاره لهم باستخدام کلمة "ضجیعة الذلّ" حتّى یحرّضهم و یستنهضهم ضد الهوان والاستکانة.
وهو لایصدّق شعار السلام الذی یعلنه القوى المستکبرة العالمیة ویسأل مستنکرا ویقول کیف یصدّق أن یصادق الذئب الخروف والسبعیة من صفاتها الذاتیة.
فاستخدام الکلمات مثل الشهید، امّة القرآن شارون، السلام العالمی، تدلّ على النزعات الإسلامیة عند هذا الشاعر الذی یدرس قضایا البحرین ضمن قضایا العالم الإسلامی ویسعى إلى استنهاض الشعب البحرینی والشعوب الإسلامیة وتضامنهم معا.
النتیجة
کما مضى فإنّ جهل الشعوب وخمولهم وکذلک خضوع الحکام للذل وفقدان القیم الإنسانیة فی المجتمع وکذب الخطباء الحکومیین الذین یخدعون الشعوب فی خدمة المستبدین کلها تعدّ من أسباب نهضة الشعوب خاصة الشعب البحرینی. ثمّ معالجة کبت الحریات وتناول سجن دعاة الحریة واستخدام ألفاظ "الله، والأنبیاء، وصلاة الفجر، الشهید، والقرآن وأمّة القرآن، والجهاد، وصلاح الدین الذی هو رمز للانتصار الإسلامی، کذلک معارضة سیطرة الشرکات الأمریکیة، واستخدام کلمة "شارون" رمزا لقتل الأبریاء المسلمین هی دلالة واضحة لدور الفکر الإسلامی فی الصحوة البحرینیة.